زعم بعض الرقاة وجود سحر، قالوا إنه انتشر بقوة مؤخرا، وأطلقوا
عليه سحر الإنترنت، إلى درجة أن الرّاقي الجزائري ابن الشنفرى، أكّد أن 50
بالمائة ممّن يقصده للعلاج الشرعي والرقية اكتشف أنهم مصابون بسحر الإنترنت، مؤكدا أن بعض المواقع عبر الإنترنت تنقل هذا السّحر أو تُرسل
جنيا إلى مستخدمي الإنترنت بعد
كتابتهم طلاسم ورموزا، فيصابون بمس وهلوسة
وجنون. والغريب أن كثيرا من الرقاة ساندوا هذا الطرح وأكدوا وجوده على أرض
الواقع، وحذروا منه.
"الشروق" اتصلت بالدكتور الدّاعية الباحث عضو الأكاديمية
العالمية للتصوف، محمد بن بريكة، وطرحت عليه الموضوع، فاستغرب ما يُروّج له
من أسماهم "المُدّعين في علوم الرقية والروحانيات"، معتبرا أن الكثير من
المصطلحات الغريبة أضحت متداولة مؤخرا في المجتمع الجزائري. وهي ما يهدد
استقرار الأسر والمجتمع، ويدخله في مجال البدع والخرافات ويبعده عن التطور
والرقي والخروج من أزماته الاجتماعية والاقتصادية. ومن هذه المصطلحات سحر
الكادْنة، سحر الأنترنت... حيث قال: "كل ما يُروّج له من أنواع هذا السحر
من بعض الرقاة، هو ابتزاز ونشر لثقافة الوهم والخوف والوسوسة والدجل في
المجتمع، ولا هدف لها إلا جلب المزيد من الزبائن". وأكد أن غالبية الرقاة
المنتشرين عبر الإنترنت وبعض الفضائيات لا علاقة لهم إطلاقا
بالرقية
الشرعية. وعن موضوع "سحر أو جن الإنترنت" ، علّق بن بريكة: "فليرسلوا جنا عبر الإنترنت ليُحارب اليهود ويُحرر فلسطين...".
ودعا المتحدث كل مُدّع لعلم الرقية الشرعية والروحانيات في الجزائر يؤمن
بثقافة الوهم، إلى الدخول معه في مناظرة تلفزيونية، ويظهر حججه، أين
سيبرهن لهم مُحدثنا بالدليل والحجة بطلان وبهتان مثل هذه الأمور شرعا
وعقلا.
وفي هذا الإطار، اعتبر المفتش بوزارة الشؤون الدينية، سليم محمدي، أن وجود
الجن والسحر ثابت في القرآن، كما أن لجوء السحرة وأشخاص السوء إلى تسخير
الجن لغرض إلحاق ضرر بشخص آخر ثابت أيضا، ولا يمكن لمسلم، حسب قوله، الطعن
في هذه الحقيقة الثابتة، لكن يضيف: "يجب ألا نتمادى في الاعتقاد بالسّحر
ليصل درجة الوسوسة والهذيان...".
وبخصوص سحر الإنترنت، أكد محدثنا: "الجن الذي بإمكانه البقاء في بطن
المسحور لسنوات، والتنقل من مشارق الأرض إلى مغاربها في لمح البصر، يمكن
تسخيره لإلحاق الضرر بأي كان وبأي وسيلة... لكن السحر عبر الإنترنت لا يكون
بخروج الجن من جهاز الكمبيوتر وسكنه في جسد الإنسان، كما يدّعي بعض
الرقاة، وهذا كلام خرافي، وإنما يكون بطريقتين، سواء عن طريق أخذ السّاحر
أو المشعوذ البيانات الشخصية من مواقع التواصل الاجتماعي للشخص المراد
أذيّته، وقراءة بعض الطلاسم عليه بالاستعانة بالجن، أم أن يستعمل مستخدمو
الإنترنت بعض الرموز الغريبة الموجودة في بعض مواقع السحر لاستخدامها في
استحضار الجن واستغلاله". ودعا محدثنا الجزائريين إلى التحصن من السحر
والجن والدجل عن طريق الالتزام بالتديّن الصحيح والصلاة في أوقاتها وقراءة
القرآن يوميا والطهارة، وترديد أذكار الصباح والمساء.