معظمنا
يعرف باباي , ذلك البحار الأصلع ذو الصوت الأجش الذي لا يفارق الغليون
فمه , والذي يتحول إلى بطل خارق بمجرد التهامه القليل من السبانخ ..
الكثيرين منا حلموا في طفولتهم أن يصبحوا مثله , وربما حاول البعض تقليده
بالتهام القليل من السبانخ .. فحلم القوة الخارقة يراود كل رجل في مرحلة
ما من حياته , وفي سبيل تحقيق هذا الحلم قد يلجأ البعض إلى ما هو أبعد
بكثير من مجرد تناول السبانخ , فتراهم يتهافتون على العقاقير المنشطة
والهرمونات التي تحول أجسادهم المترهلة الهزيلة إلى أجساد رائعة الجمال
مدججة بالعضلات المكورة والنافرة من كل شكل ونوع .
طيب لماذا العقاقير ؟ .. لماذا لا يمارسون الرياضة ليحظوا بالعضلات التي يحلمون بها ؟ .
![]() |
ارلندو قبل ان يبدأ استعمال المزيج ..
|
الجواب ببساطة لأن التمارين تأخذ وقتا طويلا
وتكون مرهقة ومكلفة ولا تأتي دائما بالنتائج المرجوة , فبالنسبة لمعظم
الرجال الكسالى أو الذين لا يتمتعون بمزايا جسمانية كبيرة , تكون العقاقير
المنشطة هي السبيل الأقصر والأسهل للتحايل على الطبيعة والوصول إلى
الغاية المنشودة .
أحد هؤلاء المتحايلين هو البرازيلي ارلندو دي سوزا , الذي ما أن تراه حتى تدهشك ضخامة عضلات ساعديه الجبارة , لكن تلك الدهشة سرعان ما تتلاشى وتتحول إلى علامات استفهام حينما تنظر إلى بقية أجزاء جسده , لأنك ستلاحظ على الفور وجود أمر غير طبيعي وغير مترابط . فباستثناء العضلات الهائلة على ساعديه وكتفيه يبدو بقية جسده عاديا وهزيلا ومترهلا ! .. وربما لهذا السبب أطلقت عليه بعض الصحف تسمية باباي .. بيد أن ارلندو لم يأكل السبانخ ليحظى بعضلاته الشهيرة , وإنما فعل أمرا آخر في غاية الغرابة – والحماقة - , إذ قام بحقن جسده بمزيج خطير من الزيت والكحول , الأمر الذي جعل عضلاته تتورم وتنتفخ فتبدو بهذا الشكل الرائع ! .
![]() |
كان للمزيج تأثير لا يصدق ..
|
ارلندو الذي يطلقون عليه أسم "الجبل" في
بلدته , كان شابا هزيلا يمارس التمارين في قاعة رياضية صغيرة , وكان مثل
الكثيرين من عشاق العضلات المفتولة , يتناول الستيرويد والهرمونات
وفيتامينات الأحصنة .. لكن كل ذلك لم يأتي بالنتيجة المنشودة , حتى أتى ذلك
اليوم عندما أقترب منه أحد المدربين في القاعة وقدم له قنينة فيها سائل
غامض وهمس في أذنه قائلا : "خذ هذا .. سيجعلك تنمو خلال أيام فقط" .
وبالفعل كان لذلك السائل تأثير السحر كما يصف لنا ارنلدو :
"ملئت الحقنة ثم غرزتها وأفرغتها في ذراعي , فبدأت تنتفخ وتتورم , في الحقيقة لم أشعر بأي شيء , باستثناء بعض الدوخة " .
لكن الأمر ليس بهذه السهولة كما قد يتصور
البعض , فهذه العملية المجنونة أودت بحياة الكثيرين , وفقد اورلندو احد أعز
أصدقاءه بسببها .. وعن ذلك يقول :
"معظم الناس يقومون بحقن أنفسهم من دون أن
يعرفوا كيفية القيام بذلك بصورة صحيحة , البعض منهم ينتهي به المطاف فاقدا
ذراعه , آخرون يكونون بحاجة لعملية جراحية عاجلة , والبعض يخسر كبده ..
صديقي بولينهو فقد حياته , لقد شعرت بموته , كان يأخذ المزيج وأنا أيضا
أخذته , لكنه كان لا يريد أن يتوقف عن حد" .
![]() |
عضلات جبارة وجسم مترهل !! ..
|
" أنا لا أنصح أي شخص باستعمال هذا المزيج
الخطير , لقد توقفت عن أخذه , وتوقفت أيضا عن أخذ بقية المنشطات . هناك
دائما رغبة بالعودة لتلك الأمور , لكني نجحت بالسيطرة على نفسي حتى يومنا
هذا " .
الأطباء يقولون بأن حقن الجسم بهذا المزيج ,
والذي يعتقد بأنه يتألف من الزيت المعدني – من المشتقات النفطية – والكحول
والقليل من المخدر , تعد عملية غاية في الخطورة , قد تنتهي بالموت نتيجة
تلوث الدم , وفي أحسن الحالات ستؤدي لنشوء خراجات متمددة داخل الأنسجة
تكون مليئة بالصديد والزيت , وتكون كقنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي
لحظة لتمزق العضلات وتستدعي قطع الذراع .
ارنلدو نفسه شعر بالخوف بعد موت صديقه فراجع عيادة طبيب , لكن الطبيب رفض علاجه قائلا بأنه هو من تسبب بذلك لنفسه .
عائلة ارنلدو تشعر بشيء من القلق عليه ,
تقول شقيقته : "هو شخص جيد , ليس رجلا سيئا , هو طيب ولا يتردد في مساعدة
أبناء بلدته . لكن هناك أشخاص يسخرون منه , هناك أيضا من هم معجبون به ,
وهناك من يعتقدون بأنه من كوكب آخر! " .
![]() |
النساء معجبات به ..
|
اما شقيقه فيقول بأنه رغم خطورة ما يقوم به شقيقه فأن ذلك لا يخلو من بعض الفوائد والايجابيات :
"النساء الموجودات هنا وفي أماكن أخرى معجبات به , يعتقدن بأنه جذاب ولطيف" .
لكن برغم المعجبات فأن ارنلدو مازال أعزبا
ويعيش مع أمه . وللأسف فأن المزيج القاتل الذي تحدث عنه آخذ بالانتشار في
البرازيل وجنوب أمريكا رغم التحذيرات , ويعلل ارنلدو سبب ذلك قائلا :
"لتحصل على جسد مثلي فأن الأمر في غاية الصعوبة إذا لم تكن تتناول شيء من
المنشطات والعقاقير , البعض يتعاطون هذه الأمور لكنهم لا يعترفون بذلك " .
ويضيف ساخرا : " هل رأيت بعمرك رجلا بحجمي
ولديه مثل عضلاتي يزعم بأنها طبيعية , أنه يكذب , دعني أخبرك ذلك , على
الأقل أنا أقول الحقيقة" .